responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 258
الثَّانِيةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) قَالَ الضَّحَّاكُ: بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. وَهَذَا خِطَابٌ لِلْوُلَاةِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْحُكَّامِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بِالْمَعْنَى جَمِيعُ الْخَلْقِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا (. وَقَالَ:) كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ (. فَجَعَلَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كُلَّ هَؤُلَاءِ رُعَاةً وَحُكَّامًا عَلَى مَرَاتِبِهِمْ، وَكَذَلِكَ الْعَالِمُ الْحَاكِمُ، لِأَنَّهُ إِذَا أَفْتَى [1] حَكَمَ وَقَضَى وَفَصَلَ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْفَرْضِ وَالنَّدْبِ، وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، فَجَمِيعُ ذَلِكَ أَمَانَةٌ تُؤَدَّى وَحُكْمٌ يُقْضَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي (البقرة [2]) القول في (نِعِمَّا). (إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً) وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ بِأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ يَسْمَعُ وَيَرَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى [3]) فَهَذَا طَرِيقُ السَّمْعِ. وَالْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ انْتِفَاءَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ يَدُلُّ عَلَى نَقِيضَيْهِمَا مِنَ الْعَمَى وَالصَّمَمِ، إِذِ الْمَحَلُّ الْقَابِلُ لِلضِّدَّيْنِ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ تَعَالَى مُقَدَّسٌ عَنِ النَّقَائِصِ وَيَسْتَحِيلُ صُدُورُ الْأَفْعَالِ الْكَامِلَةِ مِنَ الْمُتَّصِفِ بِالنَّقَائِصِ، كَخَلْقِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سَمْعٌ وَلَا بَصَرٌ. وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَنْزِيهِهِ تَعَالَى عَنِ النَّقَائِصِ. وَهُوَ أَيْضًا دَلِيلٌ سَمْعِيٌّ يُكْتَفَى بِهِ مَعَ نَصِّ الْقُرْآنِ فِي مُنَاظَرَةِ مَنْ تَجْمَعُهُمْ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ. جَلَّ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَمَّا يَتَوَهَّمُهُ الْمُتَوَهِّمُونَ وَيَخْتَلِقُهُ الْمُفْتَرُونَ الْكَاذِبُونَ (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [4]).

[سورة النساء [4]: آية 59]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)

[1] في ج وط وز: إذا حكم أفتى. [ ..... ]
[2] راجع ج 3 ص 332
[3] راجع ج 11 ص 201.
[4] راجع ج 15 ص 140
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 5  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست